القول بعدم انتقاض الوضوء بأكل لحم الجزور ليس قولا للمالكية فقط ، بل هو ما عليه جمهور الفقهاء ، وأنقل لك ما في الموسوعة الفقهية حيث جاء فيها ما يلي :
(ذهب جمهور الفقهاء إلى أن أكل لحم الجزور لا ينقض الوضوء كأكل سائر الأطعمة لما روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { الوضوء مما يخرج وليس مما يدخل } ولما روى جابر قال : { كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مسته النار } ولأنه مأكول أشبه سائر المأكولات في عدم النقض ، والأمر بالوضوء فيه محمول على الاستحباب أو الوضوء اللغوي وهو غسل اليدين . وصرح الحنابلة - وهو أحد قولي الشافعي - بأن أكل لحم الإبل ينقض الوضوء على كل حال نيئا ومطبوخا ، عالما كان الآكل أو جاهلا . لقوله عليه الصلاة والسلام : { توضئوا من لحوم الإبل ولا تتوضئوا من لحوم الغنم } . وقالوا : إن وجوب الوضوء من أكل لحم الجزور تعبدي لا يعقل معناه فلا يتعدى إلى غيره ، فلا يجب الوضوء بشرب لبنها ، ومرق لحمها ، وأكل كبدها وطحالها وسنامها وجلدها وكرشها ونحوه . ) اهـ.
وانظر كذلك مدونة الفقه المالكي وأدلته للدكتور الصادق الغرياني (1/174) .
وأنقل لك ما جاء في شرح التلقين للإمام المازري لنفاسته حيث يقول ما نصه :
"وكذلك نجيب عما تعلق به أحمد وداود في الوضوء من أكل لحوم الإبل خاصةً ، بالحديث المروي عنه عليه السلام في ذلك، بأن نحمله على الوضوء اللغوي ، فيكون المراد تنظيف اليد والفم . وخَصَّ بذلك لحمَ الجزور لاختصاصه من السهوكة بما لا يوجد في غيره من اللحوم . أو بحمله على الاستحباب للوضوء الشرعي . ويعضد ذلك بأن من مس الدم وغيره من النجاسات لم يلزمه أن يتوضأ ، فبأن لا يلزمه ذلك إذا مس شيئا طاهرا أولى" .اهـ. كلامه رحمه الله ورضي عنا وعنه .
شرح التلقين (1/199) .
ويقول القاضي عبدالوهاب في ( الإشراف ) :
" ولا وضوء من أكل لحوم الإبل ، خلافا لداود وأحمد ، لقوله : (لا وضوء من طعام أحله الله) ، ولأنه مأكول فأشبه الخبز ، ولأنه حيوان فلم يجب بأكله الوضوء كالبقر والغنم ، ولأن الأكل نوع من الانتفاع به فلم يجب به وضوء ، أصله البيع وغيره " اهـ. من الإشراف (1/153-154)
قال الدكتور بدوي عبدالصمد في كتاب الإتحاف بتخريج أحاديث الإشراف :
".. قوله (لا يتوضأ من طعام أحله الله) الحديث بهذا اللفظ لم أجده ، ولكن ذكر صاحب كنز العمال (9/340) حديثا بلفظ (لا يتوضأ رجل من طعام أكْلُهُ حِلٌّ له أكْلُه) وعزاه إلى البزار والدارقطني في الأفراد عن أبي بكر ، قال : وضعف " .اهـ. الإتحاف (1/188)
والله أعلم .
__________________
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين