النوع العاشر: معرفة المنقطع: وفيه وفي الفرق بينه وبين المرسل مذاهب لأهل الحديث وغيرهم، فمنها ما سبق في نوع المرسل عن (الحاكم)، صاحب كتاب (معرفة أنواع علوم الحديث) من أن المرسل مخصوص بالتابعي. وأن المنقطع: منه: الإسناد فيه قبل الوصول إلى التابعي راوٍ لم يسمع من الذي فوقه، والساقط بينهما غير مذكور، لا معينّاً ولا مبهماً. ومنه: الإسناد الذي ذكر فيه بعض رواته بلفظ مبهم، نحو: رجل، أو: شيخ أو غيرهما.
مثال الأول: ما رويناه عن عبد الرازق، عن سفيان الثوري، عن أبى إسحاق، عن زيد بن يُثَيع عن حذيفة مرفوعاً قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ً: ((إن وليتموها أبا بكر فقوي أمين..)) الحديث. فهذا إسناد إذا تأمله الحديثي وجد صورته صورة المتصل، وهو منقطع في موضعين: لأن عبد الرزاق لم يسمعه من الثوري، وإنما سمعه من النعمان بن أبى شيبه الجندي عن الثوري. ولم يسمعه الثوري أيضاً من أبى إسحاق، إنما سمعه من شريك عن أبى إسحاق.
ومثال الثاني: الحديث الذي رويناه عن أبى العلاء بن عبد الله بن الشخير، عن رجلين، عن شداد بن أوس، عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم في الدعاء في الصلاة ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الأمر..)) الحديث. والله اعلم.
ومنها: ما ذكره (ابن عبد البر) رحمه الله، وهو: أن المرسل مخصوص بالتابعين، والمنقطع شامل له ولغيره، وهو عنده: كل ما لا يتصل إسناده، سواء كان يعزى إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أو إلى غيره.
ومنها: أن المنقطع مثل المرسل، وكلاهما شاملان لكل ما لا يتصل إسناده، وهذا المذهب أقرب. صار إليه طوائف من الفقهاء وغيرهم. وهو الذي ذكره (الحافظ أبو بكر الخطيب) في كفايته. إلا أن أكثر ما يوصف بالإرسال من حيث الاستعمال: ما رواه التابعي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم. وأكثر ما يوصف بالانقطاع: ما رواه من دون التابعين عن الصحابة، مثل مالك عن ابن عمر، ونحو ذلك. والله أعلم.
ومنها: ما حكاه (الخطيب أبو بكر) عن بعض أهل العلم بالحديث: أن المنقطع ما روي عن التابعي أو من دونه موقوفاً عليه، من قوله أو فعله. وهذا غريب بعيد، والله أعلم.