مختار بن سعدي المديــــــــــــــــر
المساهمات : 104 تاريخ التسجيل : 22/06/2009
| موضوع: وجوب النظر في الأدلة4 الجمعة يونيو 26, 2009 11:00 pm | |
| قلت: هذا الحديث أخرجه الإمام أحمد في المسند كما تقدم سياقه وأخرجه الترمذي في كتاب الأمثال والنسائي في التفسير وفى كتاب السير من السنن الكبرى وأبو داود الطيالسى فى المسند وأبو يعلى وابن خزيمة والحاكم في المستدرك وابن حبان كما في مورد الظمآن والطبراني في الكبير، وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح غريب، قلت ولعل الغرابة هنا لا ترجع إلى الإسناد فقط وإنما ترجع إلى ما جاء فيه من قول عيسى عليه السلام لزكريا، فإما أن تبلغهن وإما أن أبلغهن الخ وذلك لأن الأنبياء لا يتصرفون من عند أنفسهم وإنما يتصرفون بأمر الله، والحديث لم يشر إلى أن عيسى قد جاءه من الله أمر بذلك والله اعلم، هذا وفى إسناد أحمد موسى بن خلف العمى البصري من كبار الصالحين وقال فيه بن معين ضعيف، وقال غيره ليس بقوى، وقال ابن حبان أكثر من المناكير، وقال ابن معين أيضا ليس به بأس، وقال أبو حاتم صالح الحديث، وقال أبو داود ليس به بأس ليس بذلك قاله الذهبي في الميزان (ج4 ص2.3 رقم 8857 ) ويحيى بن أبى كثير الطائي مولاهم أبو نصر اليمامي ثقة ثبت لكنه يدلس ويرسل قاله في التقريب ( ص 691 رقم 7632 ).ثم قال الحافظ ابن كثير: وهذه الآية دالة على توحيده تعالى بالعبادة وحده لا شريك له، وقد استدل بها كثير من المفسرين - كالرازي وغيره - على وجود الصانع تعالى، وهى دالة على ذلك بطريق الأولى، فإن من تأمل هذه الموجودات السفلية والعلوية، واختلاف أشكالها وألوانها، وطباعها ومنافعها ووضعها في مواضع النفع بها محكمة - علم قدرة خالقها وحكمته، وعلمه وإتقانه، وعظيم سلطانه، كما قال بعض الأعراب وقد سئل: ما الدليل على وجود الرب تعالى ؟ فقال : يا سبحان الله! إن البعرة لتدل على البعير وإن أثر الأقدام ليدل على المسير فسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، وبحار ذات أمواج ؟ ألا يدل على وجود اللطيف الخبير؟وحكى الرازي عن الإمام مالك أن الرشيد سأله عن ذلك، فاستدل له باختلاف اللغات والأصوات والنغمات، وعن أبى حنيفة أن بعض الزنادقة سألوه عن وجود البارئ تعالى، فقال لهم: دعوني فإني مفكر في أمر قد أخبرت عنه، ذكروا لي أن سفينة في البحر موقرة، فيها أنواع من المتاجر وليس بها أحد يحرسها ولا يسوقها، وهى مع ذلك تذهب وتجيء وتسير بنفسها، وتخترق الأمواج العظام حتى تتخلص منها، وتسير حيث شاءت بنفسها من غير أن يسوقها أحد، فقالوا: هذا شيء لا يقوله عاقل: فقال: ويحكم! هذه الموجودات بما فيها من العالم العلوي والسفلي، وما اشتملت عليه من الأشياء المحكمة أليس لها صانع؟ فبهت القوم ورجعوا إلى الحق وأسلموا على يديه.وعن الشافعي أنه سئل عن وجود الصانع فقال: هذا ورق التوت طعمه واحد، تأكله الدود فيخرج منه الإبريسم، وتأكله النحل فيخرج منه العسل، وتأكله الشاة والبقر والأنعام فتلقيه بعرا وروثاً، وتأكله الظباء فيخرج منها المسك، وهو شىء واحد.وعن الإمام أحمد بن حنبل أنه سئل عن ذلك فقال: هاهنا حصن حصين أملس، ليس له باب ولا منفذ، ظاهره كالفضة البيضاء، وباطنه كالذهب الإبريز، فبينا هو كذلك إذ انصدع جداره، فخرج منه حيوان سميع بصير ذو شكل حسن وصوت مليح يعنى بذلك البيضة إذا خرج منها الدجاجة، وسئل أبو نواس عن ذلك فأنشد: تأمل فى نبات الأرض وانظـر *** إلى آثـار ما صنـع المليكعيون من لجـين شاخصـات *** بـأحداق هي الذهب السبيك على قضب الزبرجد شاهدات *** بـأن الله ليس له شــريك وقال ابن المعتز : فيا عجباً كيف يعصى الإلـه *** أم كيف يجحده الجاحد وفى كـل شىء له آيــــة *** تدل عـلى أـنه واحد قلت : وقد نسب غير ابن كثير هذه الأبيات إلى أبى العتاهية من شعره والله اعلم فقد ورد فى ديوانه (ص1.2-1.4) ما يدل على ذلك وأول الأبيات كما فى الديوان: الا إننا كلنا بائـــد *** وأى بـنـى آ دم خـالـد وبدؤهم كان من ربهم *** وكل إلى ربــه عائـد فيا عجبا كيف يعصى الإله *** أم كيف يجحده الجاحد ولله فى كــل تحريكة *** وتسكيتـة ابـداً شـاهد ثم قال وقال آخرون: من تأمل هذه السموات في ارتفاعها واتساعها، وما فيها من الكواكب الكبار والصغار النيرة من السيارة ومن الثوابت، وشاهدها كيف تدور مع الفلك العظيم، في كل يوم وليلة دويرة، ولها في أنفسها سير يخصها، ونظر إلى البحار المكتنفة للأرض من كل جانب، والجبال الموضوعة في الأرض لتقر ويسكن ساكنوها، مع اختلاف أشكالها وألوانها كما قال تعالى:]أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ *وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ[ غافر 27-28.وكذلك هذه الأنهار السارحة من قطر إلى قطر للمنافع، وما ذرأ في الأرض من الحيوانات المتنوعة، والنبات المختلف الطعوم والأراييح، والأشكال والألوان مع اتحاد طبيعة التربة والماء استدل على وجود الصانع وقدرته العظيمة وحكمته ورحمته بخلقه، ولطفه بهم وإحسانه إليهم، وبره بهم لا إله غيره ولا رب سواه عليه توكلت وإليه أنيب، والآيات في القرآن الدالة على هذا المقام كثيرة جداً. انتهى (ج1 ص58 -59 ).ولذلك جعل أولياء الله التفكر والاعتبار من أعظم أنواع العبادات عندهم فإذا تكلموا ذكروا وإذا صمتوا اعتبروا. | |
|