سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم
هو علم الأعلام، وخاتم الأنبياء والمرسلين، محمد بن عبدالله بن عبد المطلب بن هاشم، من قبيلة قريش، يرتفع نسبه إلى أبي الأنبياء إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام.
ولد في مكة المكرمة عام الفيل الذي يوافق سنة 571م يتيماً، فقد توفي أبوه قبل ولادته، ونشأ في رعاية أمه آمنة بنت وهب حتى صار عمره ست سنوات حيث توفيت أمه، فكفله جده عبد المطلب، ومات بعد سنتين، فكفله عمه أبو طالب.
عمل في رعي الغنم ثم في التجارة. وسافر مع قافلة قريش إلى الشام، ولما بلغ الخامسة والعشرين من عمره تزوج خديجة بنت خويلد، وكانت تكبره بخمسة عشر عاماً.
كان ينفر من عبادة الأصنام، ويحب الخلوة، ويقضي بعض الأوقات في غار حراء، ولما بلغ الأربعين من عمره نزل عليه الوحي في شهر رمضان بأول آيات القرآن الكريم (اقرأ باسم ربك الذي خلق) وبدأ بالدعوة سراً، فآمنت به زوجته خديجة، وابن عمه علي بن أبي طالب، وصاحبه أبو بكر الصديق، ومولاه زيد بن حارثة، وعدد قليل من السابقين إلى الإسلام>
وبعد ثلاث سنوات نزل عليه الوحي بقوله تعالى: (فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين)، فبدأ بالدعوة العلنية، فسخر منه معظم رجال قريش، ووقفوا في وجه الدعوة الإسلامية، وخاصة عمه أبو لهب، وأبو جهل، وآذوه، فصبر على آذاهم، وحماه عمه أبو طالب، فلما مات أبو طالب اشتد أذى المشركين له ولمن آمن معه، وشاء الله أن يدخل في الإسلام عمه حمزة بن عبد المطلب وعمر بن الخطاب ـ وكان لهما بأس ومكانة ـ فخف أذى المشركين، وبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض دعوته على القبائل، وقريش تتصدى له، فلم يتقبلها إلا أفراد قلائل، وكان منهم عدد قليل من أهل(يثرب).
وفي السنة الحادية عشرة من بعثته صلى الله عليه وسلم، أي عام 621 م بايعه 12 رجلاً من أهل (يثرب)، من الأوس والخزرج، وفي السنة التالية بايعه 73 رجلاً وامرأتان من أهلها ـ كانوا قد أسلموا على يدي مصعب بن عمير الذي أرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم للدعوة في (يثرب) ـ ودعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الهجرة إليهم.
فوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين إلى الهجرة، ثم تبعهم مع صاحبه أبي بكر الصديق رضي الله عنه في السنة الثالثة عشرة من بعثته.
ولما وصل إلى (يثرب) بدأت مرحلة جديدة من حياته ودعوته صلى الله عليه وسلم : مرحلة بناء المجتمع المسلم وقيادته، لذلك كان أول شيء عمله في المدينة بناء المسجد ليكون مقراً للعبادة، وبناء المجتمع وقيادته، وفيه بدأت رحلة تربية أصحابه وإعداد العدة للجهاد.
وقبل أن تنقضي السنة الأولى من الهجرة أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم السرايا لمعاقبة قريش، وإظهار عزة الإسلام والمسلمين، ثم توالت السرايا والغزوات، ونصر الله رسوله صلى الله عليه وسلم والمسلمين نصراً مؤزراً في السنة الثانية للهجرة في غزوة بدر، وتوالت بعد ذلك الغزوات والسرايا والبعوث للدعوة ومواجهة الذين يصدون عن سبيل الله أو يتآمرون على الإسلام والمسلمين، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يدي ذلك بوحي من الله وعونه، ونما المجتمع المسلم، وتوقفت مطامح قريش والمشركين في القضاء عليه بعد فشل حملتهم في غزوة الأحزاب سنة ( 5) للهجرة، وتخلصت المدينة من نفوذ اليهود وقبائلهم إثر غزوة بني قريظة، وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم البعوث والرسل إلى أطراف الجزيرة العربية.
وفي السنة الثامنة للهجرة تم فتح مكة، والقضاء على الشرك في أكبر معقل للعبادة، وفي السنة التاســــــعة للهجرة أقبلت الوفود من أنحاء الجزيرة العربية معلنة إسلامها، وفي السنة العاشرة حج رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونزلت عليه الآية الكريمة (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً) إيذاناً بإكمال رسالته، وخطب في الناس خطبة مودع، أوصاهم فيها بما يصلح لهم دنياهم و آخرتهم، وبعد عودته أصابه المرض، فأمر أبا بكر أن يصلي بالناس، واستأذن زوجاته أن تمرضه عائشة رضي الله عنها، ولما وجد في نفسه شيئاً من النشاط خرج إلى المسجد، وخطب في الناس، وأخبرهم أن عبداً خيره الله بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ما عند الله، وأدرك أبو بكر أن الله أعلم رسوله بقرب وفاته، فبكى ؛ وفي الثاني عشر من ربيع الأول في السنة الحادية عشرة للهجرة لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلى، ودفن حيث توفي في حجرة عائشة رضي الله عنها.
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم متوسط القامة أبيض، بياضه مشرب بشيء من الحمرة، ووجهه مدور فيه وضاءة، وعيناه دعجاوان، وشعره أسود، توفي وليس في رأسه عشرون شعرة بيضاء، بين كتفيه خاتم النبوة.
وكان إذا مشى أسرع، وإذا التفت التفت بجسمه كله، وكان يتميز بفصاحة اللسان، وبلاغة الكلام، صبوراً، حليماً، شجاعاً، يقول عنه علي رضي الله عنه (كنا إذا اشتد البأس اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم).
وكان شديد الحياء، جواداً ما سئل إلا أعطى. شديد التواضع، يخصف نعليه، ويخيط ثوبه، ويعين أهله في شؤون البيت، ويجالس الفقراء المساكين، لم يقل لخادمه أف قط، ولم يعاتبه على شيء فعله أو تركه ؛ تجمعت الفضائل والقيم العليا فيه فوصفه الله سبحانه وتعالى بقوله: (وإنك لعلى خلق عظيم).
تميز رسول الله صلى الله عليه وسلم بخصائص عدة ؛ منها أن الله أحل له الزواج بأكثر من أربع زوجات لأغراض كثيرة، فعقد على ثلاث عشرة امرأة أولهن السيدة خديجة بنت خويلد، وكانت تكبره بخمسة عشر عاماً، وآخرهن ميمونة بنت الحارث، تزوجها سنة سبع للهجرة، كلهن سيدات سبق لهن الزواج إلا عائشة بنت أبي بكر الصديق، وقد توفيت اثنتان منهن في حياته وهما: خديجة بنت خويلد، وزينب بنت خزيمة، والبقية توفين بعده، وعقد على اثنتين ولم يدخل بهما، وتسرى باثنتين؛ هما: (مارية القبطية) و (ريحانة القرظية).
وله من البنات أربع، وهن: زينب، ورقية، وأم كلثوم، وفاطمة، توفين جميعاً في حياته إلا فاطمة التي توفيت بعد وفاته بستة أشهر.
وله من الأولاد: قاسم، و عبدالله من السيدة خديجة، و إبراهيم من مارية القبطية، توفوا جميعاً وهم صغار.